انين الروح مشرفة قسم القصص والروايات
عدد الرسائل : 182 تاريخ التسجيل : 19/08/2007
| موضوع: (( رحلتي مع الموت )) الأربعاء 5 ديسمبر - 20:45 | |
| بسم الله الرحمن الرحيم قال الإمام علي بن ابي طالب سلام الله عليه : (( آهٍ من قلة الزاد وطول الطريق وبعد السفر وعظيم المورد )) .
منذ عدة أيام عم الألم جسدي واخذ يؤذيني ... وبدأت علامات الموت تدنو مني وحلت بي حالة الإحتضار .
اداروا برجليَّ نحو القبلة ، واحاط بي زوجتي وابنائي وأقربائي وبعض اصدقائي ، ومنهم من ترقرت دموع عينيه ، اغمضت عيني بهدوء وغرقت في بحر افكاري ، واخذت افكر مع نفسي ، بم قضيت عمري ، وأين لملمت أموالي - رغم قلتها - وأين انقفتها ؟
لقد كان التفكير بذلك يؤلمني كثيراً ، ومن شدة القلق فتحت عيوني ...
قال الإمام علي بن اب طالب سلام الله عليه: ((الناس نيام فاذا ماتوا انتبهوا ))
في تلك الأثناء انتبهت الى وجود شبح طويل القامة يرتدي ثيابا بيضاء قد نشب يديه على اطراف اصابع قدمي واخذ يتجه نحو الأعلى من جسدي ، ولم اكن اشعر بالألم عندما كان عند قدمي لكن الأم اخذ يزداد كلما ارتفع نحو الأعلى وكأن الألم باجمعه اخذ يتحرك الى الأعلى من جسدي ، وحتى وصلت يده الى حلقومي ، حينها اصبح جسدي بلا شعور ، بيد ان رأسي اصبح ثقيلاً بحيث كنت اشعر انه سينفجر من شدة الضغط ، او ان عيني ستخرجان من حدقيتهما .
تقدم عمي الشيخ العجوز نحوي وقد امتلأت عيناه بالدموع وقال لي : يا ولدي اقرأ الشهادتين ، انا اقرأها وانت رددها معي : اشهد ان لا إله الا الله وان محمدا رسول الله
لقد كنت اراه واسمع صوته ، فتحركت شفتاي ببطء وما ان اردت التلفظ بالشهادتين حتى احاطت بي اشباح سوداء قبيحة والحّوا علي ان لا انطق الشهادتين ، لقد كنت اسمع بأن الشياطين تحاول سلب ايمان المرء عند موته ، لكنني لم اكن اتصور ابداً انهم يفلحون في صدي .
ومرة أخرى أدنى عمي وجهه مني وتلفظ بالشهادتين ، ولما أردت تحريك لساني تحرك الشياطين مرة أخرى ولكن عن طريق التهديد في هذه المرة . لقد كانت لحظات عجيبة ، فمن ناحية كان الذي يرتدي ثياباً بيضاء يمارس أعمالاً مدهشة . ومن جهة ثانية ، كنت أواجه إصرار عمي على النطق بالشهادتين ، وثالثة محاولات الأشباح الخبيثة في سلب إيماني في آخر لحظات حياتي . ثقل لساني وكأن شفتي قد خبطت مع بعضها ، لقد اعتراني العجز ، وكنت أريد الخلاص من هذا الوضع المؤلم ولكن كيف ؟ وعن أي طريق ؟ وبواسطة من ؟ في غضون ذلك التجاذب ظهرت من بعيد أنوار ساطعة فقام ذلك الرجل ذو الثياب البيضاء إجلالاً لها ولّت تلك الوجوه القبيحة هاربة ، ورغم عدم معرفتي في تلك اللحظات لتلك الأنوار الطاهرة الفريدة لكنني عرفت فيما بعد انوار اعمال الصالحة من الصلاة على محمد و غيرها قد حضرتني في اللحظات الحساسة وببركة وجودها أشرق وجهي وانفتح لساني فحركت شفتيّ ونطقت بالشهادتين هنا امتدت يد ذلك الرجل ذي الثياب البيضاء لتمسح على وجهي ، وشعرت بالاطمئنان بعد أن كنت أعاني شدة الألم والاضطراب. لقد أصبحت وكأنني ألقيت الآلام والعذاب بأجمعه على كاهل أهل الدنيا لأنني شعرت بالاستقرار وكأنني لم أرَ حرية واستقراراً كالذي عشته في ذلك اليوم فقد انفتح لساني وأشرح عقلي . كنت أرى الجميع وأسمع أحاديثهم . هنا وقعت عيناي على ذلك الرجل ذي الثياب البيضاء فسألته : من أنت ؟ وماذا تريد مني ؟ فإنني أعرف كل الذين حولي إلا أنت ، فقال : كان عليك أن تعرفني ، أنا ملك الموت ، فاضطربت لسماع اسمه واهتز كياني ، فوقفت أمامه أتخضع وقلت : السلام عليك يا ملك ربي فلطالما سمعت باسمك ومع ذلك لم أستطع معرفتك حين الموت ، هل تريد الإذن مني كي تقبض روحي ؟
فأجاب ملك الموت مبتسماً : إنني لا أحتاج إلى إذنٍ من أي أحد لأنتزع روحه من جسده ، وإذا ما تأملت جيداً سترى إنك قد ودعت الحياة الفانية ، انظر إلى جسدك قد بقي بين أهل الأرض ، فنظرت إلى الأسفل فاستحوذت عليّ الدهشة والحيرة ، إذ أن جسدي مطروح على الأرض بلا حراك بين أقربائي ومعارفي ، فيما كانت زوجتي وأبنائي وكثير من الأقارب يحومون من حولي وهم يبكون وترتفع صرخاتهم إلى عنان السماء وأخذ آخرون بالشكوى والتساؤل : لقد تعجل عليه الموت ، لماذا ؟
أخذت أفكر مع نفسي : لِمَ ينوح هؤلاء ؟ ومن أجل من ؟ أردت دعوتهم لالتزام الهدوء ، وهل يكون ذلك ؟
صرخت فيهم : أيها الأعزاء التزموا الهدوء ، أما تريدون راحتي واستقراري ؟ فلماذا هذا التفجع والحزن ؟ بعد الألم المضني أصبحت الآن في كامل الراحة والسعادة .
إنني أخاطبكم أما تسمعون ؟ لِمَ هذا البكاء ؟ ممّ عويلكم وبكاؤكم ؟ نوروا الدار بالدعاء وذكر الحق تعالى .
استمر عويل واستغاثة الحاضرين ، يعلو ويعلو ، هنا سمعت صوت ملك الموت يقول : ما الذي دهى هؤلاء ؟ مم ّصراخهم وعويلهم ؟ ولِمَ هذه الشكوى والتفجع ؟ لِمَ هذا البكاء واللطم على الرؤوس ؟ أقسم بالله إنني لم أرتكب ظلماً بحقه ، فلقد نفذ رزقه في هذه الدنيا ، ولو كنتم مكاني لقبضتم روحي بأمر من الله ، اعلموا أن دوركم سيأتي يوماً ما ، وسأتردد على هذه الدار حتى لا أدع أحداً فيها ، إن عبادتي وطاعتي لله هي أن أقطع كل يوم وليلة أيدي الكثيرين عن هذه الدنيا .
الناس مستمرون بعملهم لا يسمعون هذه الإنذارات . تمنيت لو كنت سمعت هذه الإنذارات ولو مرة واحدة في الحياة الدنيا كي تكون عبرة لي ... لكن واحسرتاه ثم واحسرتاه ...
لفوني بقطعة قماش وبعد ساعة حملوني إلى المغتسل ، إنه مكان معروف لدي فطالما جئت هنا لغسل أمواتنا ، وهنا لفت انتباهي المغسل حيث كان يقلبني كيف شاء ودون عناء ، ونظراً لعنايتي بجسمي فقد صرخت بالمغسل : تمهل قليلاً ! ارفق بي ! فقبل لحظات خرجت الروح من هذه العروق فأضعفتها وأعجزتها ... لكنه واصل عمله دون أدنى عناية بمطالبي المتكررة .
انتهى الغسل ، ثم لفوني بذلك الكفن الذي كنت قد اشتريته بنفسي ... لقد كنت أفكر آنذاك بأن شراء الكفن إنما هو عمل روتيني ، ولكن ما أسرع أن لف جسدي بالبياض. حقاً إن الدنيا دار جواز .
تحياتي | |
|
ViP :: نــائــب الــمـديرٍ ::
عدد الرسائل : 78 العمر : 34 تاريخ التسجيل : 14/09/2007
| موضوع: رد: (( رحلتي مع الموت )) الجمعة 7 ديسمبر - 9:18 | |
| يعطيج العافيه أختي:أين الروح على الموضوع | |
|
دانة البحرين :: نــائــب الــمـديرٍ ::
عدد الرسائل : 71 العمر : 34 الوظيفه : طالبة علم تاريخ التسجيل : 26/08/2007
| موضوع: رد: (( رحلتي مع الموت )) الجمعة 14 ديسمبر - 0:23 | |
| موضوع رائع يستحق الشكر
مع تحاتي دانة البحرين)( | |
|